وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال : (( قلت يا رسول الله : أي العمل أحب غلي الله تعالي ؟
قال: الصلاة علي وقتها
قلت : ثم أي ؟
قال : بر الوالدين
قلت : ثم أي ؟
قال : الجهاد في سبيل الله )) متفق عليه.
(وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال : قلت يا رسول الله : أي العمل) أي الطاعات
(أحب علي الله تعالي) كناية عن الرضى به والثناء علي فاعله أو كثرة إثابته
(قلت : ثم أي ؟ قال :الجهاد في سبيل الله) قال القرطبي خص عليه الصلاة والسلام هذه الثلاثة بالذكر لأنها عنوان علي ما سواها من الطاعات , وان من ضيع الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها من غير عذر مع خفة مؤنتها وعظم فضلها فهو لما سواها أضيع , ومن لم يبر والديه مع وفور حقهما كان لغيرهما أقل برا , ومن ترك جهاد الكفار مع شدة عداوتهم للدين كان لجهاد غيرهم من الفساق أترك .
وعن أنس رضى الله عنه أن رسول الله قال صلى الله علية وسلم: (( لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها )) متفق عليه.
(وعن أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله علية وسلم قال : لغدوة) الغدوة : المرة من الغدو وهو سير أول النهار نقيض الرواح
(خير من الدنيا وما فيها) وذلك للثواب المرتب علي كل منهما
وقد ورد (إن أقل أهل الجنة منزلة من يعطي قدر الدنيا عشر مرات) فما بالك بأوساطهم فضلا عن أعلاهم.والتفضيل بينه وبين الدنيا باعتبار ما استقر في النفوس من حب الدنيا ورؤيا خيرها , وإلا فلا مناسبة بين ديني عظيم ثوابه باق وبين دنيوي مخدج فان , لكنه صلى الله علية وسلم خاطبنا بما نألف , ويحتمل أن يكون المراد أن هذا القدر من الثواب خير من الثواب الذي يحصل لمن حصلت له الدنيا وأنفقها في طاعة الله غير الجهاد.
وعنه قال : (( قيل : يا رسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله ؟ قال : لا تستطيعونه , فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا , كل ذلك يقول : لا تستطيعونه , ثم قال : مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله )) متفق عليه.
وفي رواية البخاري (( أن رجلا قال يا رسول الله دلني علي عمل يعدل الجهاد ؟
قال : لا أجده , ثم قال هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر , وتصوم ولا تفطر ؟
فقال : ومن يستطيع ذلك ؟)).
(وعنه قال قيل) أي قال جماعة للنبي صلى الله علية وسلم
(يا رسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله) أي يساويه ويماثله
(فأعادوا عليه) أي السؤال المذكور
(يقول: لا تستطيعونه ثم) بعد أن أبهم عظيم فضله أي صفته العظيمة الشأن التي كادت أن تكون كالمثل
(كمثل الصائم القائم) أي المجتهد
(القانت) أي المطيع (لا يفتر) أي لا يغفل .
(قال لا أجده) أي لا أجد عملا يعدله من حيث الثواب و هذا جواب السؤال
(ثم قال) أي النبي صلى الله علية وسلم مستأنفا مخاطبا للسائل عن ذلك
(هل تستطيع) أي تقدر
(إذا خرج المجاهد) أي للحرب
(ولا تفتر) أي تسكن عن حدتك قال في المصباح : فتر عن العمل فتورا من باب قعد : سكن عن حدته ولان بعد شدته
(وتصوم ولا تفطر)أي تداوم علي الصلاة و الصوم مدة غيبته عن أهله
(فقال) أي ذلك الرجل
(ومن يستطيع ذلك) استفهام إنكاري : أي لا طاقة بذلك وهذا باعتبار العادة البشرية المألوفة , وإلا فذلك داخل تحت الإمكان لاسيما لأرباب المجاهدات .