قال العلماء: الحياء خلق يبعث على ترك القبيح من الأقوال والأفعال والأخلاق ويمنع صاحبه من التقصير في حق ذي الحق؛ وذلك أنه ملكة راسخة للنفس توزعها على إيفاء الحقوق وترك القطيعة والعقوق.
عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:»الحياء لا يأتي إلا بخير« متفق عليه.
(الحياء) أي الاستحياء
(لا يأتي إلا بخير) فإنه يمنع عن مزاولة المخالفة ومحاولة العصيان.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان« متفق عليه.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون) شك من الراوي، والبضع من الثلاثة إلى العشرة
(شعبة) أي جزءًا وخصلة
(فأفضلها) أي إذا عرفت ذلك وأردت معرفة تفاوت رتبها فأفضلها أي أكثرها ثوابًا وأعلاها عند الله سبحانه مكانة
(قول: لا إله إلا الله) يحتمل أن يراد مع قرينتها وهي محمد رسول الله؛ فذلك كناية عن مجموع الشهادتين، ويحتمل أن يراد هي فقط لشرفها وعظم مفادها من الدلالة على توحيد البارئ الذي هو حكمة إرسال الرسل
(وأدناها) أي أقلها ثوابًا أو أنزلها مرتبة
(إماطة) أي إزالة
(الأذى) كل ما يؤذي المارة من حجر أو شوك أو طين أو قذر أو نحو ذلك من سائر المؤذيات
(عن الطريق) وذلك لما فيه من نفع المارة ودفع ضررهم ودفع ما يؤذيهم
(والحياء شعبة من الإيمان) أي خصلة من الإيمان، والإيمان شرعًا هو التصديق القلبي بكل ما علم بالضرورة مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم به مع النطق اللساني للقادر عليه.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: »كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئًا يكرهه عرفناه في وجهه« متفق عليه.
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها) العذراء: أي البكر، والخدر بكسر الخاء وسكون الدال: ستر تجعله البكر في جنب البيت، والمعنى أي أشد حياءً من البكر حال اختلائها بالزوج الذي لم تعرفه من قبل، وليس المراد حال انفرادها في الخدر فإنها حينئذ لا حياء عندها؛ إذ ليس ثمة من تستحي منه
(فإذا رأى شيئًا يكرهه) التنكير فيه للتعميم ليشمل القليل والكثير والجليل والحقير
(عرفناه في وجهه) أي عرفنا الكراهية له في وجهه: أي أنه لا يتكلم لحيائه بل يتغير وجهه فنفهم نحن كراهيته لذلك.